ذكر فضل الموت وأنه خير من الحياة
عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تحفة المؤمن الموت).
وعن الحسين بن علي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (الموت ريحانة المؤمن).
وعن عائشة-رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (الموت غنيمة المؤمن).
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الدنيا سجن المؤمن وسنته، فإذا فارق الدنيا فارق السجن والسنة).
وعن عبد الله بن عمرو قال: (الدنيا جنة الكافر وسجن المؤمن، وإنما مثل المؤمن حين تخرج نفسه كمثل رجل كان في سجن فأخرج منه، فجعل يتقلب في الأرض ويتفسح فيها).
وعن عبد الله بن عمرو قال: (الدنيا سجن المؤمن، فإذا مات يخلى سربه يسرح حيث يشاء).
وعن ابن مسعود قال: (الموت تحفة لكل مسلم).
وعن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الموت كفَّارة لكل مسلم).
وعن الربيع بن خثيم قال: (ما من غائب ينتظره المؤمن خير له من الموت).
وعن مالك بن مغول قال: (بلغني أن أول سرور يدخل على المؤمن الموت، لما يرى من كرامة الله تعالى وثوابه).
وعن ابن مسعود قال: (ليس للمؤمن راحة دون لقاء الله).
وعن أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه قال: (ما مِن مؤمن إلا والموت خير له، وما من كافر إلا والموت شر له،فمن لم يصدقني فإن الله تعالى يقول: {وَما عِندَ اللَهِ خَيرٌ لِلأَبرارِ} ويقول: {وَلا يَحسَبَنَّ الَّذينَ كَفَروا أَنَّما نُملي لَهُم خَيرٌ}.
وعن ابن مسعود قال: ما من بر ولا فاجر إلا والموت خير له من الحياة إن كان براً، فقد قال الله تعالى: {وَما عِندَ اللَهِ خَيرٌ لِلأَبرارِ} وإن كان فاجراً،فقد قال الله تعالى: {وَلا يَحسَبَنَّ الَّذينَ كَفَروا أَنَّما نُملي لَهُم خَيرٌ لِأَنفُسِهِم إِنَّما نُملي لَهُم لِيَزدادوا إِثماً وَلَهُم عَذابٌ مُهينٌ}.
وعن أبي مالك الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اللَّهم حبِّب الموت إلى من يعلم أني رسولك).
وعن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (إِن حفظت وصيتي فلا يكون شيء أحب إليك من الموت).
وعن أبي الدرداء قال: (ما أهدى إليَّ أخ هدية أحبَّ إلىّ من السلام، ولا بلغني عنه خبر أحب من موته).
وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: (أتمنى لحبيبي أن يعجل موته).
وعن محمد بن عبد العزيز التيمي قال: قيل لعبد الأعلى التيمي: (ما تشتهي لنفسك ولمن تحب من أهلك؟ قال: الموت).
وعن ابن عبيد الله أنه قال لمكحول: أتحب الجنة؟ قال: ومن لا يحب الجنة، قال: (فأحب الموت فإنك لن ترى الجنة حتى تموت).
وعن حبان بن الأسود قال: (الموت خير يوصل الحبيب إلى الحبيب).
عن مسروق قال: (ما من شيء خير للمؤمن من لحد، فمن لحد فقد استراح من هموم الدنيا وآمن من عذاب الله).
عن طاووس قال: (لا يحرز دين الرجل إلا حفرته).
وعن عطية قال: أنعم الناس جسداً في لحد قد أمن من العذاب).
وعن سفيان قال: (كان يقال للموت راحة للعابدين).
عن ربيعة بن زهير قال: قيل لسفيان الثوري كم تتمنى الموت، وقد نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: لو سألني ربي لقلت يا رب لثقتي بك وخوفي من الناس كأني لو خالفت واحداً فقلت حلوة، وقال: مرة لخفت أن يتعاطى دمي.
وقال الخطّابي أنشدنا بعض أصحابنا المنصور بن إسماعيل قد قلت:
إِذا مَدَحوا الحَياةَ فَأَكثَروا في المَوتِ أَلفَ فَضيلَةٍ لا تُعرَفِ
مِنها أَمانُ لِقائِهِ بِلِقائِهِ وَفِراقُ كُلِّ مُعاشِرٍ لا يُنصَفِ
قال الخطّابي:
يَبكي الرِجالُ عَلى الحَياةِ وَقَد ..... أَفنى دُموعي شَوقي إِلى الأَجَلِ
أَموتُ مِن قَبلِ أَنَّ الدَهرَ يَعثُرُ بي ..... فَإِنَّني أَبَداً مِنهُ عَلى وَجَلِ
ذكر أن الموت انتقال من دار ضيَّقة إلى دار واسعة
قال العلماء: الموت ليس بعدم محض، ولا فناء صرف،وإنما هو انقطاع تعلق الروح بالبدن، ومفارقة وحيلولة بينهما، وتبدل حال، وانتقال من دار إلى دار.
عن بلال بن سعد أنه قال: إنكم لن تخلقوا للفناء، وإنما خلقتم للخلود والأبد، ولكنكم تنتقلون من دار إلى دار.
عن بلال بن سعد أنه قال إنكم لن تخلقوا للفناء، وإنما خلقتم للخلود والأبد، ولكنكم تنتقلون من دار إلى دار.
وقال ابن القاسم: للنفس أربعة دور كل دار أعظم من التي قبلها.
الأولى: بطن الأم، وذلك محل الضيق والحصر والغم والظلمات الثلاث.
والثاني: هي الدار التي أنشأتها وألفتها واكتسبت فيها الشر والخير.
والثالثة: هي دار البرزخ وهو أوسع من هذه الدار وأعظم، ونسبة هذا الدار إليها كنسبة البطن إلى هذه.
والرابعة: هي دار القرار الجنة أو النار، ولها في كل دار من هذه الدور حكم وشأن غير شأن الأخرى. انتهى.
ومن مراسيل سليم بن عامر الحباري مرفوعاً: (إن مثل المؤمن في الدنيا كمثل الجنين في بطن أمه إذا خرج من بطنها بكى على مخرجه، حتى إذا رأى الضوء ورضع لم يحب أن يرجع إلى مكانه، وكذلك المؤمن يجزع من الموت فإذا مضى إلى ربه لم يحب أن يرجع إلى الدنيا كما لم يحب الجنين أن يرجع إلى بطن أمه).
أيضاً من مراسيل عمرو بن دينار: أن رجلاً مات. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أصبح هذا مرتحلاً من الدنيا، فإن قد رضي فلا يسره أن يرجع إلى الدنيا كما لا يسر أحدكم أن يرجع إلى بطن أمه).
عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما شبهت خروج ابن آدم من الدنيا إلا كمثل خروج الصبي من بطن أمه من ذلك الغم والظلمة إلى روح الدنيا).
وعن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما على الأرض من نفس تموت ولها عند الله خير تحب أن ترجع إليكم ولها نعيم الدنيا وما فيها).
ذكر ما يلقاه المؤمن عند قبض روحه من الكرامة
عن البراء بن عازب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال على الآخرة نزل إليه ملائكة من السماء بيض الوجوه، كأن وجوههم الشمس معهم أكفان من أكفان الجنة وحنوط من حنوط الجنة حتى يجلسوا منه مد البصر، ثم يجيء ملك الموت يجلس عند رأسه فيقول: أيتها النفس المطمئنة أُخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من السقاء، وإن كنتم ترون غير ذلك فيخرجونها فإذا أخرجوها لم يدعوها في يده طرفة عين، فيجعلونها في تلك الأكفان والحنوط ويخرج منها كأطيب نفحة مسك على وجه الأرض، فيصعدون بها فلا يمرون على ملأ من الملائكة إلا قالوا: ما هذه الروح الطيبة؟ فيقولون: فلان بن فلان بأحسن أسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا حتى ينتهوا به إلى السماء التي تليها حتى ينتهي بها إلى السماء السابعة، فيقول الله تعالى: اكتبوا كتابه في عليين وأعيدوه إلى الأرض. فيعاد روحه في جسده فيأتيه ملكان فيجلسان فيقولان له: من ربك وما دينك؟ فيقول: الله ربي والإسلام ديني، فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بعث إليكم وفيكم؟ فيقول: هو رسول الله، فيقولان له: وما علمك؟ فيقول: قرأت كتاب الله تعالى وآمنت به وصدقته، فينادي مناد من السماء أن صدق عبدي، فافرشوا له من الجنة، وألبسوه من الجنة، وافتحوا له باباً إلى الجنة، فيأتيه من ريحها وطيبها ويفسح له في قبره مد بصره، ويأتيه رجل حسن الثياب طيب الرائحة فيقول له: أبشر بالذي يسرك هذا يومك الذي كنت توعد، فيقول له: من أنت فوجهك يجىء بالخير؟ فيقول: أنا عملك الصالح، فيقول: رب أقم الساعة رب أقم الساعة، حتى أرجع إلى أهلي ومالي).
وأخرج ابن أبي الدنيا رضي الله عنه مرفوعا: (إن المؤمن إذا احتضر ورأى ما أعد الله له جعل يتهوع نفسه من الحرص على أن تخرج فهناك أحب لقاء الله وأحب الله لقاءه، وإن الكافر إذا احتضر ورأى ما أعد له جعل يتبلع نفسه كراهية أن تخرج، فهناك كره لقاء الله، وكره الله لقاءه).
عن جعفر بن محمد عن أبيه عن ابن الخزرجي عن أبيه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ونظر إلى ملك الموت عند رأس رجل من الأنصار فقال: يا ملك الموت ارفق بصاحبي فإنه مؤمن، فقال ملك الموت: طب نفساً وقر عيناً واعلم أني بكل مؤمن رفيق).
وعن كعب أن إبراهيم عليه السلام قال لملك الموت: (أرني الصورة التي تقبض بها المؤمن، فأراه ملك الموت من النور والبهاء والحسن، فقال: (لو لم ير المؤمن عند موته من قرة العين والكرامة إلا صورتك هذه لكانت تكفيه).
عن الضحاك قال: (إذا قبض روح العبد المؤمن عرج به إلى السماء فينطلق معه المقربون، ثم عرج به إلى الثانية، ثم إلى الثالثة ثم إلى الرابعة، ثم إلى الخامسة، ثم إلى السادسة، ثم إلى السابعة حتى ينتهوا به إلى سدرة المنتهى فيقولون: ربنا عبدك فلان، وهو أعلم به، فيأتيه صك مختوم بأمانه من العذاب فذلك قوله تعالى: {كَلا إِنَّ الأَبرارَ لَفي عِلِيّين، وَما أَدراكَ ما عِلِيّون كِتابٌ مَرقومٌ يَشهَدُهُ المُقَرَّبونَ}.
وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن المؤمن إذا كان في إقبال من الآخرة، وإدبار من الدنيا نزل ملائكة من السماء كأنهم وجوههم الشمس بكفنه وحنوطه من الجنة، فيقعدون حيث ينظر إليهم، فإذا خرجت روحه صلى عليه كل ملك في السماء والأرض).
وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنَّ المؤمن إذا قبض أتته ملائكة الرحمة بحريرة بيضاء فتخرج كالطيب وأطيب من ريح المسك حتى إنه يناوله بعضهم بعضا فيسمونه بأحسن الأسماء له حتى يأتوا به باب السماء فيقولون: ما هذه الريح التي جاءت من الأرض؟ وكلما أتوا سماء قالوا مثل ذلك حتى يأتوا به أرواح المؤمنين فلم يكن لهم فرح أفرح من أحدهم عند لقياه، ولا قدم على أحد كما قدم عليهم، فيسألونه ما فعل فلان بن فلان؟ فيقولون: دعوه حتى يستريح فإنه كان في غم الدنيا).
وأخرج البراء عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: (إن المؤمن إذا احتضر أتته الملائكة بحريرة فيها مسك وعنبر وريحان فتسل روحه كما تسل الشعرة من العجين، ويقال: أيتها النفس المطمئنة اخرجي راضية مرضياً عليك إلى رَوح الله وكرامته، فإذا خرجت روحه وضعت على ذلك المسك والريحان وطويت عليه الحريرة وذهب به إلى عليين).
وعن ابن عباس في قوله تعالى: {وَالسابِحاتِ سَبحاً} قال: (أرواح المؤمنين لما عاينت ملك الموت قال: اخرجي أيتها النفس المطمئنة إلى روح وريحان ورب غير غضبان، سبحت سبح الغائص في الماء فرحاً وشوقاً إلى الجنة {فَالسابِقاتِ سَبقاً} يعني تمشي إلى كرامة الله عز وجل).
عن عبيد الله بن عمرو قال: إذا توفى الله العبد أرسل الله تعالى ملكين بخرقة من الجنة وريحان من الجنة فقالا: أيتها النفس المطمئنة اخرجي إلى روح وريحان ورب غير غضبان، اخرجي فنعم ما قدمت، فتخرج كأطيب رائحة من المسك وجدها أحدكم بأنفه، وعلى أرجاء السماء ملائكة يقولون: سبحان الله لقد جاءنا من الأرض اليوم روح طيبة فلا يمر بباب إلا فتح له، ولا ملك إلى صلى عليه، ويشيع حتى يؤتى به ربه فتسجد الملائكة قبله، ثم يقولون: ربنا هذا عبدك فلان توفيناه وأنت أعلم به، فيقول: مروه بالسجود فتسجد النسمة، ثم يدعى ميكائيل فيقال اجعل هذه النسمة مع أنفس المؤمنين حتى أسألك عنها يوم القيامة. فيؤمر بقبره فيتسع له طوله سبعين وعرضه مثل ذلك فيبسط فيه الحرير، وإن كان معه شيء من القرآن نوره، وإلا جعل له نور مثل الشمس، ثم يفتح له باب إلى الجنة فينظر إلى مقعده في الجنة بكرة وعشية).
وعن الحسن قال: إذا احتضر المؤمن حضره خمسمائة ملك فيقبضون روحه، فيعرجون إلى السماء الدنيا فتلقاهم أرواح المؤمنين الماضية فيريدون أن يستخبروه فتقول الملائكة اِرفقوا به فإنه خرج من كرب عظيم، ثم يستخبرونه حتى يستخير الرجل عن أخيه وعن صاحبه فيقول: هو كما عهدت منه).
وعن أبى موسى الأشعري قال: تخرج نفس المؤمن وهي أطيب ريحاً من المسك، فتصعد بها الملائكة الذين يتوفونها فتلقاهم الملائكة دون السماء فيقولون من هذا الذي معكم؟ فيقولون: فلان، ويذكرونه بأحسن عمله، فيقولون: حياكم الله وحيا من معكم، فيفتح له أبواب السماء فيصعدونه من الباب الذي كان منه عمله فيشرق وجهه، فيأتي الرب ولوجهه برهان مثل الشمس).
وعن الضحاك في قوله تعالى: {وَاِلتَفَّتِ الساقُ بِالساقِ} قال: الناس يجهزون بدنه، والملائكة يجهزون روحه.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (لا يقبض المؤمن حتى يرى من البشرى، فإذا قبض نادى وليس في الدار دابة صغيرة ولا كبيرة إلا وهي تسمع صوته إلا الثقلين: الجن والإنس. تعجلوا بي إلى أرحم الراحمين، فإذا وضع على سريره قال: ما أبطأ ما تمشون، فإذا أُدخل في لحده أقعد فأري مقعده من الجنة وما أعد الله له، وملىء قبره من روح وريحان ومسك فيقول: يا رب قدمني، فيقال: إن لك إخوة وأخوات لم يلحقوا، ونم قرير العين).
وعن ابن جريج قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها: (إذا عاين المؤمن الملائكة قالوا نرجعك إلى الدنيا؟ فيقول إلى دار الهموم والأحزان، قدماني إلى الله تعالى).
وعن الحسن بن علي رضي الله تعالى عنهما قال: تخرج روح المؤمن في ريحانة، ثم قرأ (فَأَمّا إِن كانَ مِنَ المُقَرَّبينَ فَرَوحٌ وَرَيحانٌ وَجَنَّتُ نَعيمٍ}.
وعن قتادة رضي الله تعالى عنه في قوله تعالى: {فَرَوحٌ وَرَيحانٌ} الروح والريحان يلتقي بهما عند الموت المؤمن.
وعن بكر بن عبيد الله قال: إذا أمر ملك الموت بقبض روح المؤمن أتى بريحان من الجنة، فقيل له اقبض روحه فيه.
وعن أبي عمران الجوني قال: بلغنا أن المؤمن إذا حضِّر أتى بضبائر الريحان من الجنة فيجعل روحه فيها.
وعن مجاهد قال: تنزع روح المؤمن في حريرة من حرير الجنة.
عن أبي العالية قال: لم يكن أحد من المقربين يفارق الدنيا حتى يؤتى بغصن من ريحان الجنة فيشمه ثم يقبض).
عن سلمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ أوَّل ما يُبشَّر به المؤمن في قبره أن يقال له: أبشر برضا الله والجنة، قدمت خير مقدم، قد غفر الله لمن يُشَيِّعُكَ إلى قبرك، وصدق من شهدك، واستجاب لمن يستغفر لك).
وعن أبي مسعود قال: إذا أراد الله قبض روح المؤمن أوحى إلى ملك الموت أقرئه مني السلام فإذا جاء ملك الموت يقبض روحه قال له: ربك يقرئك السلام.
عن محمد القرظي قال: إذا استبلغت نفس العبد المؤمن عاد ملك الموت فقال: السلام عليك يا ولي الله، الله يقرئك السلام، ثم قرأ هذه الآية {الَّذَينَ تَتَوَفّاهُمُ المَلائِكَةُ طَيِّبينَ يَقولُونَ سَلامٌ عَلَيكُم}.
وعن مجاهد قال: إن المؤمن لَيُبَشَّرُ بصلاح ولده من بعده لتقر عينه.
وعن الضحّاك في قوله تعالى: {لَهُمُ البُشرى في الحَياةِ الدُنيا وَفي الآخِرَةِ} قال: يعلم أين هو قبل الموت.
وعن مجاهد في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذينَ قالوا رَبُّنا اللَهُ ثُمَّ اِستَقاموا تَتَنَزَّلُ عَلَيهِمُ المَلائِكَةُ أَلا تَخافوا وَلا تَحزَنوا وَأَبشِروا بِالجَنَّةِ الَّتي كُنتُم توعَدونَ} قال: ذلك عند الموت.
وعن مجاهد في الآية قال: {أَلا تَخافوا وَلا تَحزَنوا وَأَبشِروا} أي لا تخافوا مما تقدمون عليه من الموت وأمر الآخرة، ولا تحزنوا على ما خلفتم من أمر الدنيا من ولد وأهل ودين، فإنا نستخلفكم في ذلك كله.
وعن زيد بن أسلم قال: (يؤتى المؤمن عند الموت فيقال له: لا تخف مما أنت قادم عليه فيذهب خوفه، ولا تحزن على الدنيا ولا على أهلها وأبشر بالجنة فيذهب خوفه، ولا تحزن على الدنيا فيموت وقد أقر الله عينه).
وعن الحسن أنه سئل عن قوله تعالى: {يا أَيَّتُها النَفسُ المُطمَئِنَّةُ اِرجِعي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً} قال: إن الله إذا أراد قبض روح عبده المؤمن اِطمأنت النفس إلى الله تعالى واطمأن الله إليها.
وقال البيهقي في المشيخة البغدادية:
سمعت أبا سعيد والحسن بن علي الواعظ يقول: سمعت محمد بن الحسن الواعظ يقول: سمعت أبي يقول: رأيت في بعض الكتب أن الله تعالى يظهر على كف ملك الموت بسم الله الرحمن الرحيم بخط من نور، ثم يأمره أن يبسط كفيه للعارف في وقت وفاته فيريه تلك الكتابة، فإذا رأتها روح العارف طارت إليه في أسرع من طرفة العين.
وعن ابن عباس مرفوعاً: (إذا أمر الله ملك الموت بقبض أرواح من استوجب النار من مذنبي أمتي قال: بشرهم بالجنة بعد انتقام كذا وكذا على قدر ما يعملون يحبسون في النار. فالله سبحانه أرحم الراحمين).
عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تحفة المؤمن الموت).
وعن الحسين بن علي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (الموت ريحانة المؤمن).
وعن عائشة-رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (الموت غنيمة المؤمن).
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الدنيا سجن المؤمن وسنته، فإذا فارق الدنيا فارق السجن والسنة).
وعن عبد الله بن عمرو قال: (الدنيا جنة الكافر وسجن المؤمن، وإنما مثل المؤمن حين تخرج نفسه كمثل رجل كان في سجن فأخرج منه، فجعل يتقلب في الأرض ويتفسح فيها).
وعن عبد الله بن عمرو قال: (الدنيا سجن المؤمن، فإذا مات يخلى سربه يسرح حيث يشاء).
وعن ابن مسعود قال: (الموت تحفة لكل مسلم).
وعن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الموت كفَّارة لكل مسلم).
وعن الربيع بن خثيم قال: (ما من غائب ينتظره المؤمن خير له من الموت).
وعن مالك بن مغول قال: (بلغني أن أول سرور يدخل على المؤمن الموت، لما يرى من كرامة الله تعالى وثوابه).
وعن ابن مسعود قال: (ليس للمؤمن راحة دون لقاء الله).
وعن أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه قال: (ما مِن مؤمن إلا والموت خير له، وما من كافر إلا والموت شر له،فمن لم يصدقني فإن الله تعالى يقول: {وَما عِندَ اللَهِ خَيرٌ لِلأَبرارِ} ويقول: {وَلا يَحسَبَنَّ الَّذينَ كَفَروا أَنَّما نُملي لَهُم خَيرٌ}.
وعن ابن مسعود قال: ما من بر ولا فاجر إلا والموت خير له من الحياة إن كان براً، فقد قال الله تعالى: {وَما عِندَ اللَهِ خَيرٌ لِلأَبرارِ} وإن كان فاجراً،فقد قال الله تعالى: {وَلا يَحسَبَنَّ الَّذينَ كَفَروا أَنَّما نُملي لَهُم خَيرٌ لِأَنفُسِهِم إِنَّما نُملي لَهُم لِيَزدادوا إِثماً وَلَهُم عَذابٌ مُهينٌ}.
وعن أبي مالك الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اللَّهم حبِّب الموت إلى من يعلم أني رسولك).
وعن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (إِن حفظت وصيتي فلا يكون شيء أحب إليك من الموت).
وعن أبي الدرداء قال: (ما أهدى إليَّ أخ هدية أحبَّ إلىّ من السلام، ولا بلغني عنه خبر أحب من موته).
وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: (أتمنى لحبيبي أن يعجل موته).
وعن محمد بن عبد العزيز التيمي قال: قيل لعبد الأعلى التيمي: (ما تشتهي لنفسك ولمن تحب من أهلك؟ قال: الموت).
وعن ابن عبيد الله أنه قال لمكحول: أتحب الجنة؟ قال: ومن لا يحب الجنة، قال: (فأحب الموت فإنك لن ترى الجنة حتى تموت).
وعن حبان بن الأسود قال: (الموت خير يوصل الحبيب إلى الحبيب).
عن مسروق قال: (ما من شيء خير للمؤمن من لحد، فمن لحد فقد استراح من هموم الدنيا وآمن من عذاب الله).
عن طاووس قال: (لا يحرز دين الرجل إلا حفرته).
وعن عطية قال: أنعم الناس جسداً في لحد قد أمن من العذاب).
وعن سفيان قال: (كان يقال للموت راحة للعابدين).
عن ربيعة بن زهير قال: قيل لسفيان الثوري كم تتمنى الموت، وقد نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: لو سألني ربي لقلت يا رب لثقتي بك وخوفي من الناس كأني لو خالفت واحداً فقلت حلوة، وقال: مرة لخفت أن يتعاطى دمي.
وقال الخطّابي أنشدنا بعض أصحابنا المنصور بن إسماعيل قد قلت:
إِذا مَدَحوا الحَياةَ فَأَكثَروا في المَوتِ أَلفَ فَضيلَةٍ لا تُعرَفِ
مِنها أَمانُ لِقائِهِ بِلِقائِهِ وَفِراقُ كُلِّ مُعاشِرٍ لا يُنصَفِ
قال الخطّابي:
يَبكي الرِجالُ عَلى الحَياةِ وَقَد ..... أَفنى دُموعي شَوقي إِلى الأَجَلِ
أَموتُ مِن قَبلِ أَنَّ الدَهرَ يَعثُرُ بي ..... فَإِنَّني أَبَداً مِنهُ عَلى وَجَلِ
ذكر أن الموت انتقال من دار ضيَّقة إلى دار واسعة
قال العلماء: الموت ليس بعدم محض، ولا فناء صرف،وإنما هو انقطاع تعلق الروح بالبدن، ومفارقة وحيلولة بينهما، وتبدل حال، وانتقال من دار إلى دار.
عن بلال بن سعد أنه قال: إنكم لن تخلقوا للفناء، وإنما خلقتم للخلود والأبد، ولكنكم تنتقلون من دار إلى دار.
عن بلال بن سعد أنه قال إنكم لن تخلقوا للفناء، وإنما خلقتم للخلود والأبد، ولكنكم تنتقلون من دار إلى دار.
وقال ابن القاسم: للنفس أربعة دور كل دار أعظم من التي قبلها.
الأولى: بطن الأم، وذلك محل الضيق والحصر والغم والظلمات الثلاث.
والثاني: هي الدار التي أنشأتها وألفتها واكتسبت فيها الشر والخير.
والثالثة: هي دار البرزخ وهو أوسع من هذه الدار وأعظم، ونسبة هذا الدار إليها كنسبة البطن إلى هذه.
والرابعة: هي دار القرار الجنة أو النار، ولها في كل دار من هذه الدور حكم وشأن غير شأن الأخرى. انتهى.
ومن مراسيل سليم بن عامر الحباري مرفوعاً: (إن مثل المؤمن في الدنيا كمثل الجنين في بطن أمه إذا خرج من بطنها بكى على مخرجه، حتى إذا رأى الضوء ورضع لم يحب أن يرجع إلى مكانه، وكذلك المؤمن يجزع من الموت فإذا مضى إلى ربه لم يحب أن يرجع إلى الدنيا كما لم يحب الجنين أن يرجع إلى بطن أمه).
أيضاً من مراسيل عمرو بن دينار: أن رجلاً مات. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أصبح هذا مرتحلاً من الدنيا، فإن قد رضي فلا يسره أن يرجع إلى الدنيا كما لا يسر أحدكم أن يرجع إلى بطن أمه).
عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما شبهت خروج ابن آدم من الدنيا إلا كمثل خروج الصبي من بطن أمه من ذلك الغم والظلمة إلى روح الدنيا).
وعن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما على الأرض من نفس تموت ولها عند الله خير تحب أن ترجع إليكم ولها نعيم الدنيا وما فيها).
ذكر ما يلقاه المؤمن عند قبض روحه من الكرامة
عن البراء بن عازب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال على الآخرة نزل إليه ملائكة من السماء بيض الوجوه، كأن وجوههم الشمس معهم أكفان من أكفان الجنة وحنوط من حنوط الجنة حتى يجلسوا منه مد البصر، ثم يجيء ملك الموت يجلس عند رأسه فيقول: أيتها النفس المطمئنة أُخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من السقاء، وإن كنتم ترون غير ذلك فيخرجونها فإذا أخرجوها لم يدعوها في يده طرفة عين، فيجعلونها في تلك الأكفان والحنوط ويخرج منها كأطيب نفحة مسك على وجه الأرض، فيصعدون بها فلا يمرون على ملأ من الملائكة إلا قالوا: ما هذه الروح الطيبة؟ فيقولون: فلان بن فلان بأحسن أسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا حتى ينتهوا به إلى السماء التي تليها حتى ينتهي بها إلى السماء السابعة، فيقول الله تعالى: اكتبوا كتابه في عليين وأعيدوه إلى الأرض. فيعاد روحه في جسده فيأتيه ملكان فيجلسان فيقولان له: من ربك وما دينك؟ فيقول: الله ربي والإسلام ديني، فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بعث إليكم وفيكم؟ فيقول: هو رسول الله، فيقولان له: وما علمك؟ فيقول: قرأت كتاب الله تعالى وآمنت به وصدقته، فينادي مناد من السماء أن صدق عبدي، فافرشوا له من الجنة، وألبسوه من الجنة، وافتحوا له باباً إلى الجنة، فيأتيه من ريحها وطيبها ويفسح له في قبره مد بصره، ويأتيه رجل حسن الثياب طيب الرائحة فيقول له: أبشر بالذي يسرك هذا يومك الذي كنت توعد، فيقول له: من أنت فوجهك يجىء بالخير؟ فيقول: أنا عملك الصالح، فيقول: رب أقم الساعة رب أقم الساعة، حتى أرجع إلى أهلي ومالي).
وأخرج ابن أبي الدنيا رضي الله عنه مرفوعا: (إن المؤمن إذا احتضر ورأى ما أعد الله له جعل يتهوع نفسه من الحرص على أن تخرج فهناك أحب لقاء الله وأحب الله لقاءه، وإن الكافر إذا احتضر ورأى ما أعد له جعل يتبلع نفسه كراهية أن تخرج، فهناك كره لقاء الله، وكره الله لقاءه).
عن جعفر بن محمد عن أبيه عن ابن الخزرجي عن أبيه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ونظر إلى ملك الموت عند رأس رجل من الأنصار فقال: يا ملك الموت ارفق بصاحبي فإنه مؤمن، فقال ملك الموت: طب نفساً وقر عيناً واعلم أني بكل مؤمن رفيق).
وعن كعب أن إبراهيم عليه السلام قال لملك الموت: (أرني الصورة التي تقبض بها المؤمن، فأراه ملك الموت من النور والبهاء والحسن، فقال: (لو لم ير المؤمن عند موته من قرة العين والكرامة إلا صورتك هذه لكانت تكفيه).
عن الضحاك قال: (إذا قبض روح العبد المؤمن عرج به إلى السماء فينطلق معه المقربون، ثم عرج به إلى الثانية، ثم إلى الثالثة ثم إلى الرابعة، ثم إلى الخامسة، ثم إلى السادسة، ثم إلى السابعة حتى ينتهوا به إلى سدرة المنتهى فيقولون: ربنا عبدك فلان، وهو أعلم به، فيأتيه صك مختوم بأمانه من العذاب فذلك قوله تعالى: {كَلا إِنَّ الأَبرارَ لَفي عِلِيّين، وَما أَدراكَ ما عِلِيّون كِتابٌ مَرقومٌ يَشهَدُهُ المُقَرَّبونَ}.
وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن المؤمن إذا كان في إقبال من الآخرة، وإدبار من الدنيا نزل ملائكة من السماء كأنهم وجوههم الشمس بكفنه وحنوطه من الجنة، فيقعدون حيث ينظر إليهم، فإذا خرجت روحه صلى عليه كل ملك في السماء والأرض).
وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنَّ المؤمن إذا قبض أتته ملائكة الرحمة بحريرة بيضاء فتخرج كالطيب وأطيب من ريح المسك حتى إنه يناوله بعضهم بعضا فيسمونه بأحسن الأسماء له حتى يأتوا به باب السماء فيقولون: ما هذه الريح التي جاءت من الأرض؟ وكلما أتوا سماء قالوا مثل ذلك حتى يأتوا به أرواح المؤمنين فلم يكن لهم فرح أفرح من أحدهم عند لقياه، ولا قدم على أحد كما قدم عليهم، فيسألونه ما فعل فلان بن فلان؟ فيقولون: دعوه حتى يستريح فإنه كان في غم الدنيا).
وأخرج البراء عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: (إن المؤمن إذا احتضر أتته الملائكة بحريرة فيها مسك وعنبر وريحان فتسل روحه كما تسل الشعرة من العجين، ويقال: أيتها النفس المطمئنة اخرجي راضية مرضياً عليك إلى رَوح الله وكرامته، فإذا خرجت روحه وضعت على ذلك المسك والريحان وطويت عليه الحريرة وذهب به إلى عليين).
وعن ابن عباس في قوله تعالى: {وَالسابِحاتِ سَبحاً} قال: (أرواح المؤمنين لما عاينت ملك الموت قال: اخرجي أيتها النفس المطمئنة إلى روح وريحان ورب غير غضبان، سبحت سبح الغائص في الماء فرحاً وشوقاً إلى الجنة {فَالسابِقاتِ سَبقاً} يعني تمشي إلى كرامة الله عز وجل).
عن عبيد الله بن عمرو قال: إذا توفى الله العبد أرسل الله تعالى ملكين بخرقة من الجنة وريحان من الجنة فقالا: أيتها النفس المطمئنة اخرجي إلى روح وريحان ورب غير غضبان، اخرجي فنعم ما قدمت، فتخرج كأطيب رائحة من المسك وجدها أحدكم بأنفه، وعلى أرجاء السماء ملائكة يقولون: سبحان الله لقد جاءنا من الأرض اليوم روح طيبة فلا يمر بباب إلا فتح له، ولا ملك إلى صلى عليه، ويشيع حتى يؤتى به ربه فتسجد الملائكة قبله، ثم يقولون: ربنا هذا عبدك فلان توفيناه وأنت أعلم به، فيقول: مروه بالسجود فتسجد النسمة، ثم يدعى ميكائيل فيقال اجعل هذه النسمة مع أنفس المؤمنين حتى أسألك عنها يوم القيامة. فيؤمر بقبره فيتسع له طوله سبعين وعرضه مثل ذلك فيبسط فيه الحرير، وإن كان معه شيء من القرآن نوره، وإلا جعل له نور مثل الشمس، ثم يفتح له باب إلى الجنة فينظر إلى مقعده في الجنة بكرة وعشية).
وعن الحسن قال: إذا احتضر المؤمن حضره خمسمائة ملك فيقبضون روحه، فيعرجون إلى السماء الدنيا فتلقاهم أرواح المؤمنين الماضية فيريدون أن يستخبروه فتقول الملائكة اِرفقوا به فإنه خرج من كرب عظيم، ثم يستخبرونه حتى يستخير الرجل عن أخيه وعن صاحبه فيقول: هو كما عهدت منه).
وعن أبى موسى الأشعري قال: تخرج نفس المؤمن وهي أطيب ريحاً من المسك، فتصعد بها الملائكة الذين يتوفونها فتلقاهم الملائكة دون السماء فيقولون من هذا الذي معكم؟ فيقولون: فلان، ويذكرونه بأحسن عمله، فيقولون: حياكم الله وحيا من معكم، فيفتح له أبواب السماء فيصعدونه من الباب الذي كان منه عمله فيشرق وجهه، فيأتي الرب ولوجهه برهان مثل الشمس).
وعن الضحاك في قوله تعالى: {وَاِلتَفَّتِ الساقُ بِالساقِ} قال: الناس يجهزون بدنه، والملائكة يجهزون روحه.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (لا يقبض المؤمن حتى يرى من البشرى، فإذا قبض نادى وليس في الدار دابة صغيرة ولا كبيرة إلا وهي تسمع صوته إلا الثقلين: الجن والإنس. تعجلوا بي إلى أرحم الراحمين، فإذا وضع على سريره قال: ما أبطأ ما تمشون، فإذا أُدخل في لحده أقعد فأري مقعده من الجنة وما أعد الله له، وملىء قبره من روح وريحان ومسك فيقول: يا رب قدمني، فيقال: إن لك إخوة وأخوات لم يلحقوا، ونم قرير العين).
وعن ابن جريج قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها: (إذا عاين المؤمن الملائكة قالوا نرجعك إلى الدنيا؟ فيقول إلى دار الهموم والأحزان، قدماني إلى الله تعالى).
وعن الحسن بن علي رضي الله تعالى عنهما قال: تخرج روح المؤمن في ريحانة، ثم قرأ (فَأَمّا إِن كانَ مِنَ المُقَرَّبينَ فَرَوحٌ وَرَيحانٌ وَجَنَّتُ نَعيمٍ}.
وعن قتادة رضي الله تعالى عنه في قوله تعالى: {فَرَوحٌ وَرَيحانٌ} الروح والريحان يلتقي بهما عند الموت المؤمن.
وعن بكر بن عبيد الله قال: إذا أمر ملك الموت بقبض روح المؤمن أتى بريحان من الجنة، فقيل له اقبض روحه فيه.
وعن أبي عمران الجوني قال: بلغنا أن المؤمن إذا حضِّر أتى بضبائر الريحان من الجنة فيجعل روحه فيها.
وعن مجاهد قال: تنزع روح المؤمن في حريرة من حرير الجنة.
عن أبي العالية قال: لم يكن أحد من المقربين يفارق الدنيا حتى يؤتى بغصن من ريحان الجنة فيشمه ثم يقبض).
عن سلمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ أوَّل ما يُبشَّر به المؤمن في قبره أن يقال له: أبشر برضا الله والجنة، قدمت خير مقدم، قد غفر الله لمن يُشَيِّعُكَ إلى قبرك، وصدق من شهدك، واستجاب لمن يستغفر لك).
وعن أبي مسعود قال: إذا أراد الله قبض روح المؤمن أوحى إلى ملك الموت أقرئه مني السلام فإذا جاء ملك الموت يقبض روحه قال له: ربك يقرئك السلام.
عن محمد القرظي قال: إذا استبلغت نفس العبد المؤمن عاد ملك الموت فقال: السلام عليك يا ولي الله، الله يقرئك السلام، ثم قرأ هذه الآية {الَّذَينَ تَتَوَفّاهُمُ المَلائِكَةُ طَيِّبينَ يَقولُونَ سَلامٌ عَلَيكُم}.
وعن مجاهد قال: إن المؤمن لَيُبَشَّرُ بصلاح ولده من بعده لتقر عينه.
وعن الضحّاك في قوله تعالى: {لَهُمُ البُشرى في الحَياةِ الدُنيا وَفي الآخِرَةِ} قال: يعلم أين هو قبل الموت.
وعن مجاهد في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذينَ قالوا رَبُّنا اللَهُ ثُمَّ اِستَقاموا تَتَنَزَّلُ عَلَيهِمُ المَلائِكَةُ أَلا تَخافوا وَلا تَحزَنوا وَأَبشِروا بِالجَنَّةِ الَّتي كُنتُم توعَدونَ} قال: ذلك عند الموت.
وعن مجاهد في الآية قال: {أَلا تَخافوا وَلا تَحزَنوا وَأَبشِروا} أي لا تخافوا مما تقدمون عليه من الموت وأمر الآخرة، ولا تحزنوا على ما خلفتم من أمر الدنيا من ولد وأهل ودين، فإنا نستخلفكم في ذلك كله.
وعن زيد بن أسلم قال: (يؤتى المؤمن عند الموت فيقال له: لا تخف مما أنت قادم عليه فيذهب خوفه، ولا تحزن على الدنيا ولا على أهلها وأبشر بالجنة فيذهب خوفه، ولا تحزن على الدنيا فيموت وقد أقر الله عينه).
وعن الحسن أنه سئل عن قوله تعالى: {يا أَيَّتُها النَفسُ المُطمَئِنَّةُ اِرجِعي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً} قال: إن الله إذا أراد قبض روح عبده المؤمن اِطمأنت النفس إلى الله تعالى واطمأن الله إليها.
وقال البيهقي في المشيخة البغدادية:
سمعت أبا سعيد والحسن بن علي الواعظ يقول: سمعت محمد بن الحسن الواعظ يقول: سمعت أبي يقول: رأيت في بعض الكتب أن الله تعالى يظهر على كف ملك الموت بسم الله الرحمن الرحيم بخط من نور، ثم يأمره أن يبسط كفيه للعارف في وقت وفاته فيريه تلك الكتابة، فإذا رأتها روح العارف طارت إليه في أسرع من طرفة العين.
وعن ابن عباس مرفوعاً: (إذا أمر الله ملك الموت بقبض أرواح من استوجب النار من مذنبي أمتي قال: بشرهم بالجنة بعد انتقام كذا وكذا على قدر ما يعملون يحبسون في النار. فالله سبحانه أرحم الراحمين).